فقدت زهرة عمرها

توسدت فخذي,في محاولة للهرب من ذلك اﻻرق الذي أرهقها



ستتم أسبوعها الثالث دون أن تعطي جسدها حقه من النوم،بعد أن تناولت الحليب بالعسل الذي أعددته لها

أخذت العب بخصلات شعرها و أتلمس بأناملي ذلك السواد الحالك تحت عيناها أردت أن أتحقق من وجوده،

كان سوادا كثيفا وعميقا بعمق الجرح الذي يسكنها،سواد غريب يزداد غرابه بين ثنايا تجاعيد غزت محيط عيناها رغم صغر سنها.

هتفت لي ..أفتقده

فوضعت يدي على فمها أمر مني أن تصمت عن القول..

فلن تقول شيء جديد, أعلم أنها تفتقده،وما أعظم ما تفقد.

ستبشرت خيرا عندما أغمضت عيناها و أنتظم تنفسها و سكنت آهاتها.

مضى وقت قصير منذ إن تعانقت رمشا جفنها فأخذت تتحرك و تحتضن ذلك الفراغ بين يديها،

وتستنشق عبقا ليس له أثر وتتمتم بعبارات عجزت أن أفهم طلاسمها..

لكنني عرفت أنها تحلم ..

أحتضنه في منامها،أستنشقت رائحة التي سكنت شعيبات رئتها

رائحة التي لها عبق خاص،عبق وحدها هي من تعشقه،

كانت تكلمه،وكان يكلمها ..ربما قال لها:ماما أنا خائف

أنا هنا وحدي..

أنا أصغر من أن تتركيني أمضى وأنتي لستِ معي

أعلم أنها سترد عليه:صغيري لا تخف

أنت تطير في جنات النعيم

ها هي تحققت أمنيتك عندما قلت لي ماما أريد أن أطير مثل ذلك العصفور



اﻷزرق.

أنت اﻷن أسعد من كل اﻷطفال الذين يقطنون صدور أمهاتهم

أنت سعيد لنني لن أقسو عليك,كما لو كنت هنا في حضني

ربما سأضربك بدافع خوفي, وسأنهرك بواجب تربيتي

ربما سأنشغل عنك لأداء واجبي,سيقل اهتمامي بك أن أنجبت غيرك

ربما سأعاقبك أن كسرت ألعابك,و اتسخت ثيابك

ربما أسيء تربيتك،فتعقني وأظلمك

ربما لن أحقق أحلامك ولن أقبل قراراتك

ربما لن أحبك كما ينبغي..

فلا تحزن يا صغيري أن رحلت عن أحضاني

فأن حرمت من احتضان جسدك الصغير

فلن أحرم من وجودك داخلي.

بعد أن سكنت حركتها،شعرت برطوبة,اقشعرت منها طبقات جلدي..

كانت دموعها تنساب من عينيها،وهي نائمة

فعرفت أنها تبكي،تبكي روحها،

تبكي رحيل زهرتها،تبكي ثمره زواجها،تبكي صغيرها

صغيرها الذي ذهب دون أن يستأذنها

ودون أن تسمح له أن يرحل

ذهب دون أن يكون بمقدورها أن تمنع رحيله،دون أن تهيأ نفسها لفقده.

رحل ولم يكن لها أن تودعه اﻻ بكلمة واحدة

تؤمن بأنها تكفي لأنها نطقتها من أجل ربها.

تؤمن بأن ما فقدته ستلتقي به في جنات عرضها السموات و اﻷرض أعدت للمتقين.